2018الأخبار

الشیخ محسن حکیم الهي: الاستقامه تعتبر من افضل مكارم الاخلاق

اقيمت صلاة الجمعة العبادية في مركز الامام علي (ع) الاسلامي في ستوكهولم  يوم الجمعة الموافق 2018-07-06.
وتطرق امام الجمعة العلامة  الشيخ محسن حكيم الهي  (دام عزه) الى موضوع مكارم الاخلاق وتحديدا عن الاستقامة. وفي هذا السياق ذكر بعضاً من ايات الذكر الحكيم  والرويات عن رسول الله (صلى الله عليه واله ) والائمة الاطهار  (عليهم السلام) التي تحث الانسان على الاستقامة والدفع للوصول للكمالات.
وذكر سماحة الشيخ في الخطبة الاولى للصلاة ان الاستقامه تعتبر من افضل مكارم الاخلاق حیث قال مولانا امیرالمومنین علیه السلام الْعَمَلَ الْعَمَلَ، ثُمَّ النِّهَايَةَ النِّهَايَةَ، وَ الِاسْتِقَامَةَ الِاسْتِقَامَةَ، ثُمَّ الصَّبْرَ الصَّبْرَ، وَ الْوَرَعَ الْوَرَعَ.
إِنَّ لَكُمْ نِهَايَةً فَانْتَهُوا إِلَى نِهَايَتِكُمْ وَ إِنَّ لَكُمْ عَلَماً فَاهْتَدُوا بِعَلَمِكُمْ وَ إِنَّ لِلْإِسْلَامِ غَايَةً فَانْتَهُوا إِلَى غَايَتِهِ وَ اخْرُجُوا إِلَى اللَّهِ بِمَا افْتَرَضَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَقِّهِ وَ بَيَّنَ لَكُمْ مِنْ وَظَائِفِهِ، أَنَا شَاهِدٌ لَكُمْ وَ حَجِيجٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْكُمْ.
صلاة الجمعة / 6 یولیو 2018
واضاف سماحته :
 يعتبر مبدأ الاستقامة من أهمّ المبادىء المحوريّة في الشخصيّة الإيمانيّة التي يتمحور حولها الكثير من الصفات والفضائل ومكارم الأخلاق، وبفقدانها يفقد المؤمن أهمّ ركائز الإيمان وأركانه، ويكفي في ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
“شيبّتني آية في سورة هود”،حين أمره الله بالاستقامة واستقامة من معه فقال تعالى:
﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾،
وقال:
﴿فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ.
بل قد أمر الله تعالى بها أيضاً أنبياءه فقال في حقّ موسى وأخيه عليهما السلام: ﴿قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا﴾.
وعدّ الجنوح في سلوكهم عن هذا المبدأ ظلماً وطغياناً.
وعن الإمام امیرالمومنین علي عليه السلام:
“لا مسلك أسلم من الاستقامة، لا  سبيل أشرف من الاستقامة”
وعنه عليه السلام:”اعلموا أنّ الله تبارك و تعالى يبغض من عباده المتلوّن، فلا تزولوا عن الحقّ، وولاية أهل الحقّ، فإنّ من استبدل بنا هلك”والمتلوّن هو العبد الذي لا يتّخذ موقفاً مبدئيّاً من الأحداث والوقائع، بل يتلوّن وفق المصلحة والطمع ومنفعته الخاصّه .
 عن عليّ عليه السلام في شرح قوله تعالى:  ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ وقد قلتم: “ربّنا الله فاستقيموا على كتابه، وعلى منهاج أمره، وعلى الطريقة الصالحة من عبادته، ثمّ لا تمرقوا منها، ولا تبتدعوا فيها، ولا تخالفوا عنها”
وكأنّ الاستقامة تستلزم ثلاثة أمور وهي: عدم الانحراف عنها، و عدم إلصاق أمور بالشريعة وهي ليست منها، وعدم المخالفة فيما أمر الله تعالى ونهى عنه.
وعنه عليه السلام:
 “كيف يستقيم من لم يستقم دينه”؟!
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “لو صلّيتم حتّى تكونوا كالحنايا وصمتم حتّى تكونوا كالأوتار ثمّ كان الاثنان أحبّ إليكم من الواحد لم تبلغوا الاستقامة”
صلاة الجمعة / 6 یولیو 2018
ثمرة الاستقامة:
 1- وفرة الخيرات:
بمعنى توفّر النعم الماديّة لعموم الخلق، قال تعالى:  ﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا﴾
2- الأمان يوم القيامة:
قال تعالى:﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾.
والتعبير بعدم الخوف والحزن من أهم بركات يوم الفزع الأكبر.
3- البشرى بالجنّة:
 وهذا منتهى الفوز بالوعد الإلهي للذين آمنوا واستقاموا، قال تعالى:  ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ﴾
وعن الإمام عليّ عليه السلام:
من استقام فإلى الجنة، ومن زلَّ فإلى النار”
4- الفلاح:
وهو نفس معنى البشرى بالجنّة، فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “إن تستقيموا تفلحوا”
5- السلامة:
أي أنّ الاستقامة ملاذ المؤمن من التعثّر والوقوع في الأخطاء، فعن الإمام عليّ عليه السلام: “من لزم الاستقامة لزمته السلامة”
6- الكرامة في الدنيا والآخرة:
عن الإمام عليّ عليه السلام:  “عليك بمنهج الاستقامة فإنّه يكسبك الكرامة ويكفيك الملامة”
7- السعادة:
عن الإمام عليّ عليه السلام: “أفضل السعادة استقامة الدين”.
و اما عاقبة عدم الاستقامة قال تعالى:  ﴿إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا﴾ والضعف هو العذاب كما في قوله تعالى: ﴿قَالُوا رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ﴾
وقال تعالى: ﴿لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِن لاَّ تَعْلَمُونَ ﴾ وعليه في هذه الآية يتوعد الله تعالى رسوله بثلاثة أمور فيما لو سلك سبيلاً غير سبيل الاستقامة، وهي:
1- مضاعفة العذاب في الدنيا
2- مضاعفة العذاب في الآخرة.
3-  أن يكله إلى نفسه فلا ينصره ولا يعينه.
والسبب في تضعيف هذا العذاب أنّ أقسام نعم الله تعالى في حقّ الأنبياء عليهم السلام أكثر فكان انحرافهم عند الاستقامة أعظم، وكانت العقوبة المستحقّة عليها أكثر، ونظيره قوله تعالى في حقّ نساء النبيّ اللّاتي اعتبرهنَّ الله أنّهنّ لَسْنَ كبقيّة النساء:
﴿يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ﴾.
صلاة الجمعة / 6 یولیو 2018
الخطبة الثانية
ثم تطرق سماحته في الخطبة الثانية الى موضوع شهادة الامام الصادق عليه السلام فقال سماحته :
 کما تعرفون الیوم الخامس و العشرین من شهر شوال یوم الحزن و الغم لجمیع المسلمین خصوصا لشیعه امیرالمومنین لان فی ذلك الیوم استشهد الامام الصادق علیه السلام .
 قال الشيخ المفيد رحمه اللّه:
و كان الصادق جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين عليهم السّلام من بين إخوته خليفة أبيه محمد بن عليّ عليه السّلام و وصيّه القائم بالامامة من بعده و برز على جماعتهم بالفضل و كان أنبههم ذكرا و أعظمهم قدرا و أجلّهم في العامة و الخاصة، و نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان و انتشر ذكره في البلدان و لم ينقل عن أحد من أهل بيته العلماء ما نقل عنه و لا لقى أحد منهم من أهل الآثار و نقلة الأخبار و لا نقلوا عنهم كما نقلوا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام.
وانّ أصحاب الحديث قد جمعوا اسماء الرواة عنه من الثقات على اختلافهم في الآراء و المقالات فكانوا أربعة آلاف رجل، و كان للامام عليه السّلام من الدلائل الواضحة في امامته ما بهرت القلوب و أخرست المخالف عن الطعن فيها بالشبهات.
روى ابن شهرآشوب عن مسند أبي حنيفة انّ الحسن بن زياد قال:
سمعت أبا حنيفة و قد سئل من أفقه من رأيت؟ قال: جعفر بن محمد لمّا أقدمه المنصور بعث إليّ فقال: يا أبا حنيفة انّ الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد فهيّئ له من مسائلك الشداد، فهيّأت له أربعين مسألة ثم بعث‏ إلى الخلیفه و هو بالحيرة، فأتيته فدخلت عليه و جعفرابن محمد جالس عن يمينه فلمّا رایته دخلني من الهيبة لجعفر ما لم يدخلني للخلیفه فسلّمت عليه فأومأ إليّ فجلست، ثم التفت إليه فقال: يا أبا عبد اللّه هذا أبو حنيفة، قال: نعم أعرفه، ثم التفت إليّ فقال: يا أبا حنيفة الق على أبي عبد اللّه من مسائلك.فجعلت ألقي عليه فيجيبني فيقول: أنتم تقولون كذا و أهل المدينة يقولون كذا و نحن نقول كذا حتى أتيت على أربعين مسألة فما أخلّ منها بشي‏ء، ثم قال أبو حنيفة: أ ليس انّ أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس؟
و كان الامام عليه السّلام لا يخلو من احدى ثلاث خصال: امّا صائما و امّا قائما و امّا ذاكرا، و كان من عظماء العبّاد و أكابر الزهاد الذين يخشون اللّه عزوجل، و كان كثير الحديث، طيّب المجالسة، كثير الفوائد، فاذا قال: «قال رسول اللّه اخضرّ مرّة و اصفرّ أخرى حتّى ينكره من يعرفه. روى القطب الراوندي وابن شهرآشوب عن هشام بن الحكم انّه قال: كان رجل من ملوك أهل الجبل يأتي الصادق عليه السّلام في حجة كل سنة فينزله أبو عبد اللّه عليه السّلام في دار من دوره في المدينة و طال حجه و نزوله (في بيت الامام لحبه الشديد له) فأعطى أبا عبد اللّه عليه السّلام عشرة آلاف درهم ليشتري له دارا (في المدينة حتى لا يزاحم الامام بكثرة مجيئه و البقاء)، و خرج الى الحج فلمّا انصرف (من الحج أتى إلى الامام) قال: جعلت فداك اشتريت لي الدار؟
قال: نعم، و أتى بصكّ فيه:
 «بسم اللّه الرحمن الرحيم، هذا ما اشترى جعفر بن محمد لفلان بن فلان الجبلي له دار في الفردوس حدّها الاوّل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و الحدّ الثاني أمير المؤمنين عليه السّلام و الحدّ الثالث الحسن بن عليّ عليه السّلام و الحدّ الرابع الحسين بن عليّ عليه السّلام». فلمّا قرأ الرجل ذلك قال: قد رضيت جعلني اللّه فداك، قال: فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: انّي أخذت ذلك المال ففرّقته في ولد الحسن و الحسين وأرجوأن يتقبّل اللّه ذلك و يثيبك به الجنّة. قال: فانصرف الرجل إلى منزله و كان الصك معه ثم اعتلّ علّة الموت فلمّا حضرته الوفاة جمع أهله و حلّفهم أن يجعلوا الصك معه ففعلوا ذلك.فلمّا أصبح القوم غدوا إلى قبره فوجدوا الصك على ظهر القبر مكتوب عليه: وفى لي و اللّه جعفر بن محمد بما قال.
و فی کتاب مشكاة الأنوار: انّ رجلا أتى أبا عبد اللّه عليه السّلام فقال: انّ فلانا ابن عمّك ذكرك فما ترك شيئا من الوقيعة و الشتيمة الّا قاله فيك، فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام للجارية: ايتيني بوضوء، فتوضأ و دخل، فقلت في نفسي: يدعو عليه، فصلّى ركعتين، فقال: «يا ربّ هو حقّي قد و هبته و أنت أجود منّي و أكرم فهبه لي و لا تؤاخذه بي و لا تقايسه» فجعلت أتعجّب‏.
صلاة الجمعة / 6 یولیو 2018
نقلابن شهرآشوب عن أبي جعفر الخثعمي قال: أعطاني الصادق عليه السّلام صرّة فقال لي:ادفعها إلى رجل من بني هاشم و لا تعلمه انّي أعطيتك شيئا، قال: فأتيته، قال: جزاه اللّه خيرا ما يزال كلّ حين يبعث بها فنعيش به إلى قابل، و لكنّي لا يصلني جعفر بدرهم في كثرة ماله .
روي بسند معتبر عن الامام الصادق عليه السّلام قال: عليكم بالصلاة في المساجد، و حسن الجوار للناس، و اقامة الشهادة و حضور الجنائز، انّه لا بد لكم من الناس، انّ أحدا لا يستغني عن الناس فی حياته و الناس لا بدّ لبعضهم من بعض.
لقد ازداد تضييق المنصور العبّاسي على الإمام الصادق(عليه السلام)، وأخذ يمهّد لقتله، فقد روى الفضل بن الربيع عن أبيه قال: دعاني المنصور فقال: إنّ جعفر بن محمّد يلحد في سلطاني، قتلني الله إن لم أقتله، فأتيت الی الامام فقلت: أجب الخلیفه . فتطهّر(عليه السلام) ولبس ثياباً جدداً، فأقبلت به فاستأذنت له، فقال: أدخله، قتلني الله إن لم أقتله، فلمّا نظر إليه مقبلاً قام من مجلسه فتلقّاه وقال: مرحباً بالنقي الساحة، البريء من الدغل و الخيانة، أخي وابن عمّي. فأقعده على سريره وأقبل عليه بوجهه وسأله عن حاله، ثمّ قال: سلني حاجتك. فقال(عليه السلام): «أهل مكّة والمدينة قد تأخّر عطاؤهم، فتأمر لهم به»، قال: أفعل، فانصرف الامام ، فاتبعته فقلت: يابن رسول الله، أتيت بك ولا أشك أنّه قاتلك، فكان منه ما رأيت، وقد رأيتك تحرّك شفتيك بشيء عند الدخول، فما هو؟ قال: «قلت: اللّهمّ، احرسني بعينك التي لا تنام واكنفني بركنك الذي لا يرام واحفظني بقدرتك عليّ ولا تهلكني وأنت رجائي…».
روى الشيخ الصدوق عن أبي بصير انّه قال: دخلت على أمّ حميدة أعزّيها بأبي عبد اللّه عليه السّلام فبكت و بكيت لبكائها، ثم قالت: يا أبا محمد لو رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام عند الموت لرأيت عجبا فتح عينيه ثم قال: اجمعوا لي كل من بيني و بينه قرابة. قالت: فلم نترك أحدا الّا جمعناه، قالت: فنظر الامام إليهم ثم قال: انّ شفاعتنا لا تنال مستخفّا بالصلاة.
جعلنا الله جل وعلا من شيعته حقاً والفائزين بشفاعته والسائرين على نهجه وعجل الله في فرج سيدنا ومولانا صاحب العصر والزمان ارواحنا لتراب مقدمه الفدا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى